ذكرى الميلاد: هل يكون بالتاريخ الميلادي أم أنه بالتاريخ الهجري أولى؟

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

ذكرى الميلاد: هل يكون بالتاريخ الميلادي أم أنه بالتاريخ الهجري أولى؟

وبعد فقد علّمني والدي الشيخ محمد الطاهر رويس أن التأريخ في الإسلام هجري أولا وأخيرا، فالحول في الزكاة بالهجري، والصوم بالهجري، والحج بالهجري، والصلاة كذلك لها أيام وأوقات مفضلة كلها بالهجري… وكذلك احتساب الأعمار تكون بالهجري، والتقويم أيضا. غير أنّ الدولة الحديثة في بلادنا، وبقرار من الزعيم الحبيب بورقيبة، تخلت منذ بداية الستينات عن تسجيل الأحداث والولادات والوفيات بالتاريخ الهجري، لصالح التأريخ الميلادي منفردا. وهذا ما جعل أجيالا كاملة لا تعرف حتى أسماء الأشهر القمرية، والسنة الهجرية التي نعيشها، وهو شيء مؤسف، ليس موجودا إلا في بلادنا مع الأسف الشديد.
وبالرغم من تطور الأمور في بلادنا، وسقوط الكثير من “التابوات” بعد نشوء الحركة الإسلامية المعاصرة، وانتشار الخطاب الإسلامي لاسيما المشرقي منه عبر الفضائيات، مما فرض عمليا على الكثير من الإدرات التعامل مع التأريخ الهجري مثل وزارة الشعائر الدينية ومصالح الرصد الجوي وبعض العدول والبلديات في تسجيل عقود الزواج وكذلك النشرة الجوية بالتلفزة الوطنية وبعض اليوميات (مثل المنار والفنون) …وذلك على الرغم من أن القوانين في بلادنا تواصل فرض اعتماد التأريخ الميلادي فقط.
قلت في نفسي ما هو يا ترى تاريخ ولادتي بالهجري؟. فبحثت عنه ووجدت أنه كان يوم الإثنين 23 محرم 1377 هـ الموافق لـ 19 أوت 1957. وهذا يعني أنني أبلغ هذا اليوم الخميس 05 نوفمبر 2015 الموافق لـ 23 محرم 1437 هـ، سن الستين (60) سنة بالتمام والكمال. وهو حدث مهم، فقد بلغت السن الذي يقول فيه عليه الصلاة والسلام: “أعمار أمتي بين الستين والسبعين” أو كما قال صلى الله عليه وسلم. وذلك يعني أني قد بلغت سنّ الاستعداد والإنابة، أسأل الله أن يكون آخر عمري خيرا من أوله، وأن يحسن عاقبتي في الأمور كلها، وأن يختم لي بخير. آمين يا رب العالمين. أفلا تستحق هاته المناسبة الاحتفال والتوقف؟. أليس من الأولى الاحتفال بعيد الميلاد هجريا؟. أجزم بأن ذلك أولى من الاحتفال به ميلاديا. ولو بحث كل واحد منا عن تاريخ ولادته الهجري وقام بإشهاره والاحتفال فيه لفرضنا الأمر شيئا فشيئا حتى يصبح عادة ومطلبا شعبيا قد يسرع بإعادة اعتماد التأريخ الهجري ولو جنبا لجنب مع التأريخ الميلادي.
وفي عودة لمواليد شهر المحرم لا بد من أذكر أن والدي رحمه الله تعالى كان قد ولد في غرة شهر محرم من سنة 1347 هـ، أي أنه قد مرت الذكرى التسعون لولادته في مفتتح هذا الشهر؛ وهذا يعني أنه يكبرني رحمه الله بثلاثين سنة و22 يوما بالتاريخ الهجري. أسأل الله تعالى أن يرحم والدي وأن يجمعني به في مستقر رحمته. آمين يا رب العالمين.
ولا يفوتني في الأخير أن أشير إلى أني لا أدعي أن في الاحتفال اتباعا لسنة، أو أنني أدعولللتمسك ببدعة لم تكن في سلفنا، فأكون متجنيا مخطئا، كل ما كنت بصدده تنبيه لأهمية التأريخ الهجري أكثر منه التشجيع على احتفالات بالشكل الذي يقوم به الدهريون، بل أن يكون الاحتفال احتفال تذكر ومحاسبة… والله تعالى من وراء القصد.
أسأل الله العلي القدير أن يجعل يومنا خيرا من أمسنا، وغدنا خيرا من يومنا، وأن يرحمنا ويعفو عنا …

د.جلال الدين رويس

facebook

اترك تعليق