النظام الغذائي للمصابين بفقر الدم

النظام الغذائي للمصابين بفقر الدم

فقر الدم مرض موجود بكثرة في بلادنا، ويهم الرجال والنساء، ولاسيما المرأة الحامل والمرضعة، و كذلك الأطفال الذي يؤثر فقر الدم كثيرا على نموهم فيتخلفوا عن أندادهم في الوزن والطول.

وفقر الدم ينتج عادة على نقص حاد في كمية الحديد بالجسم. ويتسبب ذلك في نقص في الهيموغلوبين المكون الرئيسي للكريات الحمر في الدم، والذي لها دور أساسي في نقل الأكسيجين من الرئتين إلى مختلف الخلايا في الجسم.

ويتسبب هذا النقص في الأعراض المعروفة لفقر الدم (الأنيميا anémie ) وأهمها:

  • الشعور المتواصل بالتعب والفشل (الوهن)،
  • وجه شاحب، مائل للاصفرار (“مستصفر“)،
  • ضربات القلب متسارعة، عند أقل مجهود، وأحيانا حتى في حالة الراحة التامة والسكون في الحالات المتقدمة،
  • تنفس بصعوبة ،
  • لا يقدر المريض على مواصلة المجهود البدني وحتى الفكري، ويتوقف عنه بسرعة.

ومقدار ما يحتاجه الجسم من الحديد في اليوم يتراوح بين 7 و 30 ملغ. وأهم المواد التي توفر كميات هامة من الحديد هي:

  • الكبد (مهما كان مصدرها): 14 ملغ في 100 غرام
  • العدس: 8 ملغ في 100 غرام
  • اللوبيا البيضاء اليابسة: 7 ملغ في 100 غرام
  • القمح والشعير: 5 ملغ في 100 غرام
  • اللحم: 4 ملغ في 100 غرام
  • اللوز والبوفريوة: 4 ملغ في 100 غرام
  • الفول والحمص: 3 ملغ في 100 غرام
  • الشيكولاطة: 3 ملغ في 100 غرام

ولا بد من إتباع جملة من النصائح الغذائية حتى تكون الاستفادة كاملة من كميات الحديد المتوفرة في هاته الأطعمة:

  • الشاي والقهوة ينقصان بدرجة كبيرة قدرة الجسم على امتصاص الحديد. والمنصوح تناولهما ساعة على الأقل بعد الوجبات الغذائية.
  • الحليب ومشتقاته مثل “اللبن” و”الرايب” و”الياغرت” أطعمة متكاملة لا ينقصها إلا الحديد، ومشكلتها أنها تنقص بدرجة كبيرة امتصاص الحديد الموجود في الأغذية، والمحبذ تناولها بعيدا عن الوجبات الغذائية لا أثناءها أو بعدها مباشرة.
  • عصير الليمون أو البرتقال، وعصر الليمون (“القارص”) على الطعام من العادات الطيبة والمفيدة، حيث أنها تحتوي على كمية طيبة من الفيتامين “س” تساعد على امتصاص الحديد في الطعام.
  • تناول شيء من الغلال أعقاب الوجبات الغذائية يساعد على استفادة الجسم من كمية الحديد بباقي الأغذية، وذلك لاحتوائها على كميات كبيرة من “الفيتامين س”.

وبقطع النظر عن الأسباب الدقيقة لمرض فقر الدم، والتي تعود للطبيب المختص، وجب التنويه لبعض الوضعيات الخاصة التي تتسبب في هذا المرض، وأهمها:

  • الحمل، حيث يصاحبه عادة فقر دم يستوجب تجويد الغذاء بالمواد التي أشرنا إليها سابقا، وإضافة مقدار يومي من الأدوية التي تتركب من مشتقات الحديد، بداية من الشهر الرابع للحمل. وإضافتها ضرورة حتمية لصالح الحامل ووليدها، ولا تغني الأغذية عن تناول هذه الأدوية.
  • الرضاعة، وهي تعقب عادة الولادة التي تخسر فيها المرأة كميات متفاوتة من الدم، والنفاس كذلك، مما يستوجب تجويد الغذاء وأحينا تناول أدوية مشتقات الحديد التي ينصح بها الطبيب عادة في الأشهر الأولى بعد الولادة.
  • عند الأطفال، تمثل ضعف الشهية وعدم تنويع الوجبات الغذائية والاقتصار على الرضاعة الطبيعية أو الاصطناعية فقط… من العوامل المهمة لحصول فقر الدم.
  • ويكتشف أحيانا الطبيب أن الطفل (وحتى أحيانا الحوامل) يتناول شيئا من التراب أو الجير أو الفحم أو الطين أو الطَّفْل (géophagie) وهي مواد تسبب فقرا في الدم حيث تمتص الحديد الذي يتناوله الطفل أو الحامل في الغذاء العادي والذي يكون أحيانا جيدا ومتكاملا. وهذا الأمر خطير لا دواء له، وحله تغيير السلوك لدى المريض، ولا بد من التعاون بين الطبيب والعائلة حتى يحصل الإقلاع فوريا. وقد لاحظنا أن إعطاء دواء من مشتقات الحديد قد يساعد على حل المشكلة.
  • النزيف، أحد الأسباب المعروفة لفقر الدم، وخاصة إذا كان لمدة طويلة، ولو بكميات قليلة. من ذلك النزيف من الأنف (الرعاف)، والنزيف الرحمي (سواء أثناء العادة الشهرية حينما تكون كمية الحيضة كبيرة أو لمدة أطول من اللازم أو بدماء استحاضة خارج العادة الشهرية لمرض يصيب الرحم)، والنزيف الشرجي (البواسير “العذر”، أو نزيف دموي من الجهاز الهضمي مثل المستقيم أو القولون أو المعدة…)، ونزيف الجروح المختلفة عند حدوث حادث…
  • وأخيرا، تتسبب حالة الفم وخاصة الأسنان في سوء التغذية والانصراف عن تناول الأغذية الصعبة المضغ، مما يسبب -لاسيما عند كبار السن- في فقر دم ناتج عن غياب التوازن الغذائي. والمطلوب في هذه الحالة العناية بالفم وإصلاح الأسنان وتركيب طواقم جديدة تساعد على المضغ والاستفادة من الأطعمة جميعها.

أما بالنسبة للأدوية، فإنها متوفرة في أشكال متنوعة (أقراص، مسحوق، شراب…) والكمية الموصوفة منها تكون بحسب استفحال فقر الدم الذي يقع تعييره بسهولة تامة. ولا تقل مدة العلاج عن ثلاثة أشهر متتابعة. ولا يجب أن تكون بعض الآثار الجانبية مانعا من مواصلة الدواء (مثل الإمساك، أو آلام البطن وخاصة المعدة، أو اسوداد الأسنان أو البراز الخ…)، فالأولى استمرار تناول الدواء والبحث عن أي شكل يكون أقل آثارا جانبية، وتجربة الأشكال واحدا بعد واحد، ومعالجة الآثار الجانبية أولى من ترك تناول الدواء. ولا يغني الدواء بطبيعة الحال عن التجويد في الغذاء كما بينا آنفا…

د. جلال الدين رويس

 

 

facebook

اترك تعليق